حديقةٌ في منزلنا

لدينا حديقة في منزلنا فيها العديد من الأشجار. يأتي حارس العمارة من حين لآخر ليزيل الأعشاب ويسقي التربة الجافَّة، وتأتي والدتي أحيانًا أخرى فتقلِّم الأغصان وتزيل اليابس منها. ولكنك عندما تزور بيتنا تستطيع أن ترى أن حديقتنا غير معتنى بها، وليس هناك من يمضي وقتًا ليزرعها ويهتمَّ بها بانتظام.

يعجبني تشبيه أبنائنا بالحديقة فَهُمْ يحتاجون إلى الوقت والجهد والعناية المتواصلة لكي يزهروا وينموا. إنَّ قضاء الوقت مع طفلي- كمًّا ونوعًا- هو أمرٌ مهمٌّ. ولذلك فأنا أهتم بأن أقضي وقتًا مع طفلي لكي:

  1. أُرسِل له رسالةً واضحةً ومحدَّدةً أنَّه “مهمٌّ جدًّا” لي ويستحقُّ أن أترك الأشياء “المهمَّة” التي تشغلني لكي نقضي وقتًا معًا. إن أهم وأفضل تعبير يدرك فيه الطفل الحبَّ هو الوقت ثمَّ الوقت ثمَّ الوقت. لا أستطيع التأكيد بما فيه الكفاية على أهمِّيَّة ذلك؛ فأفضل هديَّة تقدِّمها لطفلك هي أنت! ليست الألعاب. فهي ليست حاجته. إنّ حاجة الطفل هي الاتصال والارتباط الصحي مع والديه، فذلك يُشعِره بالحبِّ والأهمِّيَّة. ففي وقتي مع ابني أتعّرف عليه وأعرف اهتماماته. وألعب معه بأسلوبه وأدخل إلى عالمه يوميًّا بقضاء وقت محدد، نوعي ومركَّزٍ على الطفل دون أيِّ تشتيتٍ، وبذلك أبني الاتصال والعلاقة بيننا وأبني ثقته بنفسه وإدراكه لذاته.
  2. أزرع فيه المهارات التي يحتاجها للحياة وأدرِّبه عليها. فمثلما يضع المزارع تصوُّرًا عامًّا في ذهنه لحديقته، هكذا نحتاج نحن الأهل أن نفعل فيما يختصُّ بما نريد أن يكون عليه أبناؤنا في المستقبل. وليس المقصود بذلك ماذا سيدرسون أو مَن سيتزوَّجون أو كيف سيعيشون، فهذه جميعها قراراتهم الشخصيَّة. ما قصدته هو المهارات والصفات الشخصيَّة والمبادئ التي نريد أن نراها في أبنائنا عندما يكبرون؛ فنحن نريد أن نغرس فيهم وندّربهم على الاستقلاليَّة، وتحمُّل المسؤوليَّة، والمرونة، وفَهْم النفس وضبطها، والقدرة على التعامل مع الفشل والكثير من الصفات الأساسيَّة التي سوف تبني حياتهم وتحميها. هذا يحتاج إلى الوقت والجهد المستمر. ولكنَّنا للأسف كثيرًا ما نختزل دور الأهل ليقتصر على تصحيح الخطأ والتأديب وتوجيه التعليمات ولكن هذا هو مجرَّد جانبٍ واحدٍ من التربية. الجانب الأساسي هو علاقتي بابني وارتباطنا معًا، وبواسطة هذه العلاقة أزرع فيه ما هو جيِّدٌ وجميل.
  3. أقدِّم له مثالًا للعلاقات الصحِّيَّة إنَّ علاقتي بابني ووقتي معه هو مثالٌ لما يجب أن تكون عليه علاقته بالآخرين. وهي أيضًا حماية له من العلاقات غير الصحِّيَّة والمؤذية والتنمر، فإذا تعرَّض لإيذاء أو تنمر ما تكون علاقته بالأهل مرجعًا آمنًا ليتكلَّم عمَّا يزعجه وما يحدث معه. كما أنَّ إدراكه لحقيقة كونه إنسانًا محبوبًا يساعده على رفض أيِّ إساءةٍ  أو تنمر وعدم السكوت عنها. لقراءة المزيد عن التنمر وطرق علاجه اضغط هنا التنمّر: أسبابه وأنواعه وطرق علاجه

#لا_للتنمر

لانا حداد

 متخصصة في الإرشاد النفسي

What do you think?

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

ابني يتعرض للتنمّر ماذا أفعل؟

ابني يتعرض للتنمّر: ماذا أفعل؟

التنمّر أسبابه وأنواعه وطرق علاجه

التنمّر: أسبابه وأنواعه وطرق علاجه