“ما بحب أتدخّل” كثيرًا ما سمعت هذه العبارة في حياتي. فقد كان يستخدمها البعض في علاقاتهم الأسرية وفي أمورهم الإدارية ومشاريعهم العملية. وفي كثير من الأحيان رأيت البعض من الأهل يرفعونها شعاراً في تربيتهم لأبنائهم. تعجبني هذه العبارة كثيرًا فأشعر بها الشخص يحترم الشخص الآخر ويمنحه مساحة من الحرية، وليس ذلك فقط ولكن أجد فيه التفويض يمارس باحترافية، والإبداع والابتكار لهما مكانة بارزة وهامة. وأرى آباء وأمهات رائعات لا يسيطرون ولا يضغطون على أبنائهم.

ولكن ما لا يعجبني أن مثل هذه العبارة تأتي كأسلوب ونهج حياة ولكنها في لحظات أخرى تتحوّل من “ما بحب أتدخّل” إلى “أنا الذي يقرّر”. كل هذا يحدث بسبب الكوارث والمصائب والمشاكل التي تحدث بسبب التطرّف في ذلك الشعار “ما بحب أتدخّل”، وعندما نحصد النتائج المخيفة نتحوّل إلى فريق الإنقاذ الذي يقتحم المكان لإنقاذ الموقف بأي وسيلة كانت، كما يتم في عمليات الإنقاذ في الحرائق والحوادث. وتأتي الخسائر وتتشوّه صورة الناس يزداد سوء الفهم.

هذا ما يحدث في كثير من الأحيان عندما نحلو كأهل أن لا نتدخّل، لا نتدخّل في الأمور المدرسية ولا في الطريقة التي يلبس بها أبناؤنا وبناتنا، ولا نتدخّل في نوعية الأصدقاء، ولا نتدخل عند الفشل، ولا نتدخل في نوعية الطعام وأسلوب الحياة الصحي لهم، ولكن عند المشاكل… عندما نجد الإدمان على الشاشات أو البدانة الزائدة أو الكسل الكبير أو الإهمال المبالغ به أو الأصدقاء الذين يحولون مجرى حياة أبنائنا نصبح الآباء “الوحوش” كما يصفنا أبناؤنا، راغبين في حمايتهم والتخلّص من المشاكل التي تواجههم.

لا أعلم في كثير من الأحيان هل أتدخّل أم لا أتدخّل، ولكنني أخشى أن تدخّلي الزائد سيقتل الإبداع والحرية، وعدم التدخل سيحوّلني إلى رجل إنقاذ في المشاكل والمتاعب مع الكثير من الفشل والإحباط واليأس. ولكنني أعلم أن التوازن هو الحل، والتواصل مع الأبناء هو المفتاح لنصل معًا إلى رحلة أمومة مفعمة بالمحبة والسلام.

What do you think?

Written by شيرين

زوجة لزوج خفيف دم
وأم لطفل واحد ولكنه ليس وحيد، أحب الشوكلاته ولا أستغني عن القهوة، أتعلّم من النملة في نشاطها، أحب الكتابة ولدي شغف للمناهج والتعليم والتدريب

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

الشوفان بالطحينية والدبس

فطور صيامي (نباتي): الشوفان بالطحينة والدبس

تدفق النور

تدفق النور وما حاجتنا إلى النور