احتضن شباك منزلنا عشّاً لحمامة لم نكتشفه إلا بعد أن وضعت فيه بيضتين، وقد اندهشنا من التطّور الذي كان يحصل تقريباً كل يوم في حياة هذه العائلة الجديدة. فرحنا جداً حين فقّست البيضة الأولى وشهدنا ولادة صوص جديد في منزلنا. استمرينا لأيام قليلة نراقب العش حتى فقّست البيضة الثانية ليخرج إلينا الصوص رقم 2 وهكذا صار لدينا زوجًا من الصيصان. كبرت عائلتنا وفرحنا بها، يوماً بعد يوم اعتدنا رؤيتها تنمو وكان الريش يكسوها كل يومٍ فتتغير وتكبر. وقد كنت أتشوق لرؤيتها في صباح كل يوم حيث كنت أسرع نحو النافذة لأتفقدها وأطمئن على أحوالها. وفي بعض الأحيان كنت أنا وابني نقدّم لها بعض الخبز ونضع لها الماء. حتى جاء ذلك اليوم الذي استيقظنا فيه ولكننا تفاجأنا بأن من تعوّدنا على رؤيته وإطعامه والاستمتاع به لم يعد موجودًا.

في تلك اللحظة تأملت كم مضى الوقت سريًعا، وتخيّلت سنوات عديدة من عمري مرت بسرعة لمح البصر أمامي، ورأيت ابني كبيرًا ورأيت نفسي أكبر. لكن في تلك اللحظة فزعت بصوت ابني الطفولي وهو يطلب مني: بابا هيا أسرع علي الوصول إلى المدرسة وإلا حصلت على إشعار بتأخير!

عندها حمدت الله أنني ما زلت في هذا “الحاضر” وليس في ذلك “المستقبل”، وأن الوقت ما زال مبكّرًا لأستمتع بمن هم حولي، كما كنت أستمتع بصيصاني الذين وبسرعة فارقونا. 

الوقت الآن هو ملكي وفيه أستطيع أن أفعل الشيء الكثير مع ولأجل صوصي الصغير الذي يكبر، ولكني أعلم أنه سيأتي وقت لن أتمكّن من رؤيته في عشه حيث سيكون قد طار كما طارت صيصاني. 

What do you think?

Written by Jamal

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

One Comment

  1. أرى بأن كل لحظة لها قيمتها في الأسرة فإما أن نستغلها أفضل إستغلال او تقضي بقية العمر في الندم الذي لن يفيد شيئا فالآن هي اللحظة المناسبة للبدء حتى وإن فشلت فالبداية افضل من عدمها

فيسبوك يذكرني

فيسبوك…. يذكّرني

أهداف بسيطة لسنة جديدة

أهداف بسيطة للسنة الجديدة