التقينا بمحض الصدفة أنا وابني مع معلّمته التي كانت تمتلك الحضانة التي قضى فيها أولى سنواته قبل الانتقال إلى الروضة. تلك المعلّمة كانت مميّزة جدًا بالنسبة لي وقريبة على قلبي. فقد زرت العديد من الحضانات وكنت في تردّد  من نحو اختيار الحضانة المناسبة، ولكن عندما وصلت إلى تلك الحضانة وتحدّثت معها شعرت بارتياح كبير. ومع مرور الوقت وعندما تعرّفت عليها أكثر، سألتها مرّة عن الدافع الذي حرّكها لعمل هذا المشروع. قالت لي بأنها قضت معظم فترة الحمل وهي نائمة على ظهرها، وكانت ولادتها صعبة، وعندما أنجبت طفلها واجهت صعوبة في أن تجد الحضانة المناسبة وكانت في قلق دائم، وهذا ما دفعها فيما بعد للمبادرة بهذا المشروع، حضانة فيها تشعر الأم بالراحة والثقة بأن ابنها في أيدٍ أمينة. بعد أن تخرّج ابني من الحضانة وذهب إلى الروضة كنا نذهب إلى الحضانة فهي قريبة من منزلنا فقط لنقدّم لهم التحية. ومع مرور الزمن وكثرة المشغوليات توقفنا عن هذه الزيارة وكذلك فقد انتقلت الحضانة إلى منطقة أخرى. كنت أعتقد أن هذه المعلمة في ذهن ابني وفي قلبه كما هي بالنسبة لي، فهي كانت تهتم به بشكل كبير وتحبّه، وهو كذلك.  ولكنني شعرت بخيبة أمل عندما رحّبت بها بحماس ولكنني نظرت إلى ابني فوجدت برودًا وعدم أي تجاوب فقد كانت له غريبة. أما هي فكانت تعلم أنه لن يتذكّرها، فالوقت الذي مضى كان طويلًا، وهو شاب صغير الآن.

ما يجعل أبناؤنا يتذكّرون الأشخاص والأمور والأحداث التي لم تعد أمام عيونهم هو عندما نتحدّث نحن عنها ونذكّرهم بها، وننظر إلى الصور التي تجسّدها. كل هذه الأمور تحيي الماضي في عقولهم وقلوبهم ويبدو الماضي وكأنه ما زال حيًا وفعالًا. فالبعيد عن عيوننا بعيد عنا، ولكن قلوبنا وذاكرتنا التي تنشغل به تجعله حيًا أمام عيوننا وكأنه موجود الآن معنا.

نعم نسيها، أما هي وأنا فلم ننسى، وإن أردنا ذكرياتنا أن تبقى في عقله وقلبه، كان لا بد أن نحيي تلك الذكريات كي تبقى.

What do you think?

Written by شيرين

زوجة لزوج خفيف دم
وأم لطفل واحد ولكنه ليس وحيد، أحب الشوكلاته ولا أستغني عن القهوة، أتعلّم من النملة في نشاطها، أحب الكتابة ولدي شغف للمناهج والتعليم والتدريب

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

زيارة لطبيب الأسنان أقل ألماً من رحلة عائلية

رسالتي إلى والديّ

رسالة إلى والدايّ بعد مغادرتي للبيت