عمل ابني في مشروع خاص لمادة العلوم مع زميلة له من صفه، كان المشروع يتطلّب طرح سؤال ووضع فرضية وإجراء تجربة وتحليل النتائج والوصول إلى الاستنتاج. استمتع ابني بالمشروع كثيرًا فهو يحبّ التفكير والعمل الخلاّق، واستمتع كذلك بالعمل مع آخ فهو اجتماعي ولا يحب العمل وحده. وقد استمتعت كذلك أنا بالمشروع، ليس في تفاصيل المشروع ومتطلّباته، ولكن في رؤيته وهو يعمل مع زميلة لديها تحدّ جسدي من نوع خاص. فقد ولدت فاقدة لنسبة من قدرتها على الإبصار، صحيح أنها فقدت شيئًا ولكن الله عوّضها بقدرات وإمكانيات كبيرة وهي لا تستسلم أبداً.

خلال وقت اللقاءات التي كنا نتواجد فيها كأهل معهم سواء في منزلنا أو منزلهم أو مقهى يجتمع فيه الطلبة للدراسة تعلّمت الكثير. فقد رأيت فتاة في عمر الورد تتحدّى ما حُرمت منه لتقدّم أفضل ما عندها. كانت تفكّر وبعمق، ولا تقبل بأقل من الأفضل، ولا تضع حججًا، ولا تستسلم. رأيتها تسأل وتستفسر وتعرف التفاصيل ولا تترك الأمور غير واضحة. كما ورأيت في والدتها روح الصبر والإيجابية والدعم، فمن خلال بعض الأمور البسيطة لاحظت أن المسؤولية الملقاة عليها كانت هائلة. رغم عظم المسؤولية وصعوبة التحدّي إلا أن الأم كانت ترى في ابنتها تميّز لذا فقد كانت تعمل بجدّ لتظهره وتبرزه. رأيتها تدعمها وتشجّعها وتقف إلى جانبها.

لم أشعر بالشفقة على الفتاة الجميلة ولم أتعاطف مع الأم ولكنني كنت فخورة بهذه العلاقة وهذه الصداقة. وليس ذلك فقط ولكنني رأيت عظمة الله الخالق في خلقه، فقد عوّض الفتاة وجعلها الأفضل والأكثر تميّزًا بين طلاب صفّها، وقد منح الأم قوة وإيجابية لتسير هذه الرحلة الشاقة بعزم. وشكرت الله لأنه منح ابني ذلك القلب المحب والروح المبادرة في مدّ يده لمن يحتاج. وشكرت الله لأنه ليس مشغول بنفسه ولكن للآخرين مكان في حياته.

What do you think?

Written by شيرين

زوجة لزوج خفيف دم
وأم لطفل واحد ولكنه ليس وحيد، أحب الشوكلاته ولا أستغني عن القهوة، أتعلّم من النملة في نشاطها، أحب الكتابة ولدي شغف للمناهج والتعليم والتدريب

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

عظماء التاريخ يُلهمون ابنتي وصديقاتها

ما هي الإساءة الجنسية