جلسَت تبكي وتشكي أطفالها، وتتمنّى لو كانوا مثل أطفال صديقتها أو جارتها، معتبرة نفسها أنها لم تربّيهم بصورة جيّدة، فهم ليسوا مثاليين، بينما صديقتها ربَّت أطفالها بصورة مثالية……
كلما جلست مع أختي يتكرّر نفس المشهد، شكوى واعتراض وتذمّر على الأطفال، وعلى سوء تصرّفهم وسلوكهم، وأصبحت أزمة حقيقية عندها. فهي تريد الطفل الناجح، والمتفوّق، والنشيط، والهادئ، والمتَّزن، والمميّز، والمطيع، والمرتب بمعنى آخر تريد الطفل المثالي.
هل يوجد طفل مثالي؟؟!!! وإن وُجد فهل هذا الطفل سيكون سليماً عقلياً؟؟!! وهل واجبنا كأهل أن نربّي أطفالنا ليكونوا مثاليين؟؟!! وهل رغبتنا بأن يكون طفلنا مثاليًا هي محبةً به أو إرضاءً لأنانيتنا؟؟!!
هذه الأسئلة كانت تخطر ببالي دوماً بعد كل حالة شكوى وتذمّر كانت أختي تمرّ بها. فمحبتي لها وحزني عليها دفعني لأحدِّثها وأشرح لها أن المهم ليس إصلاح كل أخطاء الطفل بل المهم هو تحسين علاقتها به، والتي ستؤدي بدورها لتحسين أخطائه. إن كثرةُ التوجيهات والتعليمات للطفل تقتل روحَ المبادرة عنده، ومع مرور الوقت تُصيبه بفُتُورٍ وتبلُّد فيه الإحساس، فالنقد الدائم يهدم ولا يبني، ويؤدي للتصادم والتنافر بينها وبين طفلها فتنقطع العلاقة بينهما والتي هي أساس التربية الناجحة.
كنت أذكر لها الأخطاء التي ارتكبناها عندما كنّا صغار السن، والمواقف المحرجة التي تعرض لها أهلنا وكنا نحن السبب، وأن كل الأطفال تخطئ ولا يوجد طفل مثالي، فنحن عندما كنا بعمرهم لم نكن مثاليين، كما أن خُلوَّ مراحلِ الطفولة من الإزعاج وهمٌ كبير، لا مكان له واقعيًّا.
جيّد أن يكون لدينا كأهل إحساس بالمسؤولية اتجاه أطفالنا، لكن الأفضل هو أن ندرك الفروق الفردية التي خصّصها الله لكل شخص فينا، فلا يوجد شخص كامل أو مثالي. من المهم أن نتقبّل أطفالنا كما هم في الواقع وليس الصورة المثالية التي نتمنّى أن يكونوا عليها، ونُظهر لهم المحبة والتقدير، ونبيِّن لهم أنهم مهمّون بالنسبة لنا على الرغم من عيوبهم وأخطائهم.
GIPHY App Key not set. Please check settings