“شعور الأم بالذنب” والفرص الضائعة – وجهة نظر مراهقة
“في الحقيقة، لا أذكر الكثير عن طفولتك .. أتمنى لو كنت قد فعلت ما هو “ممتع” احياناً بدلاً من التركيز على ما هو “صحيح”.”
أفكر كثيراً بمدى حبي لطفولتي المبكرة، إذ تتزاحم ذكريات الألعاب والضحكات والمسرحيات التي كنا نقدّمها أنا وشقيقي للضيوف وكعكات عيد الميلاد المميزة التي كانت أمي تعدّها لنا. لا بد وأننا اختلفنا وتعاركنا وانجرفنا في نوبات غضب من حين لآخر لكن شيئاً من ذلك لم يأخذ حيّزاً من ذاكرتي. لهذا كان سماع أمي تعبّر عن مخاوفها بشأن اختياراتها التربوية أمراً مفاجئاً بالنسبة لي. لطالما كانت ذلك الداعم الذي يقدم التشجيع ومصدراً للقوة والتعبير الجسدي للصبر والمنطق في بيتنا المليء بالضجيج والفوضى. الكثير من ذكرياتي المبكرة تتضمن المنافسة مع إخوتي الذكور للحصول على اهتمام والدتنا والالتصاق بها دائماً خلال زيارتنا للأصدقاء أو ذهابنا إلى الكنيسة.
هذا الارتباك الناتج عن مخاوف أمي قادني لمحاولة النظر إلى طفولتي من خلال عينيها: شابة في الثامنة والعشرين من عمرها ومعها طفل صغير ورضيعة، فيما يسافر زوجها من أجل العمل وتبقى هي في شقة سكنية صغيرة جديدة في مدينة غريبة في بلد غريب. بارك الله قلبها الصغير الشجاع! بالكاد أتخيل التكيّف مع الأمومة في راحة وأمان مسقط رأسي بوجود والدين يساعدانني. لكن بالنسبة لنا نحن الصغار رأينا كـ”ماما” بكل بساطة. وماما كانت تعرف كل شيء! فهي التي كانت تشتري الطعام وتعدّه، وتنظّف البيت، وتأخذنا للمدرسة، وتساعدنا في حل واجباتنا البيتية، وتعلّمنا اللغة الإنجليزية، وتصلح الملابس، وتدهن البيت، وتقيم حفلات عيد الميلاد، وتأخذنا إلى الكنيسة، وتعزف على البيانو، وتتطوع في المقهى. لم نعرف قط أنه كان من المستحيل أن تتوقع كل هذا من شخص واحد لأنها كانت دائماً على قدر المسؤولية. لا أعرف إن كانت أمي تقارن نفسها بالأمهات الأخريات أو كيف تقارن نفسها بهنّ لأنها لا تحتاج لذلك. بالطبع في لحظات معينة كنت أشكو بسبب عدم نضوجي وعنادي من أنه كان يُسمح لصديقاتي بتناول الحلوى والحصول على علب أدوات التجميل البلاستيكية إلا أنني ما كنت يوماً لأختار أمهاتهن بدلاً عن أمي.
لذا، إن كنتِ والدة لطفل وحيد (أو لخمسة) وتشعرين بالقلق إزاء فعل أمر خاطئ أو إزاء ما قد يخسره أطفالك، أرجو أن تعرفي ما يلي: علب ادوات التجميل البلاستيكية لا تعني شيئاً بالمقارنة برؤية كابوس مخيف وبقاؤك معنا ساهرة طوال الليل. نحن لا نهتم إن كنتِ خارج البيت طوال النهار في العمل بدلاً من بقاؤك في البيت، فكل ما يهمنا هو صنعك للفطائر المحلّاة في إجازة نهاية الأسبوع. نحن لا نتذكر افتقادنا للنادي بعد المدرسة لكننا نتذكر تلك المرة التي اصطحبتنا فيها لتناول المثلجات بعد الانتهاء من شراء الخضروات. أرجوكِ لا تشعري بالإحباط بسبب أولئك الذين يبدو وكأن “لديهم كل شيء” فما تقدمينه لنا هو كافٍ دوماً وأبداً.
GIPHY App Key not set. Please check settings