خياله الواسع ورغبته في أن يكون محطّ الانتباه والإعجاب وحصوله على أكبر قدر من العطف والرعاية كانا يدفعانه إلى اختراع القصص والمبالغة- من غير قصد- في سرد أي موضوع. ولأن ذاكرته تعجز عن الاحتفاظ بكل التفاصيل التي تحدث أمامه- لصغر سنه فكان يبلغ من العمر خمس سنوات- فكان يحذف بعضها ويضيف أشياء من عنده، فهو لم يصل إلى مرحلة من النضج تمكّنه من التحكّم بالمعلومات التي لديه. وبسبب عفويته وبراءته كان يذكر تفاصيل أحداث حصلت في المنزل بدون أن يدرك أنها أمر خاص لا يجب اطلاع الآخرين عليها، وأحياناً يسبّب مشاكل لنا دون أن يعلم.

هذه كانت معاناتنا مع طفلي الصغير، وما كان عليّ إلا أن أجلس معه وأخبره دوماً  أن ما يحدث بالمنزل هو أمور خاصة لا يجب أن يطلّع عليها حتى الأقرباء والأصدقاء. وإن إفشاء أسرار المنزل من الأمور غير المستحبّة التي ينزعج منها الناس، وأننا نستطيع جذب الآخرين إلينا بطرق أخرى، وأنه يوجد أحاديث أخرى غير أخبار البيت من الممكن أن يتحدّث بها لأصحابه.

لجأت لسرد القصص والحكايات قبل النوم وخاصة القصص المتضمّنة هذا المفهوم لتوضيحه بشكل مبسط، وكنت أطلب منه التركيز في تفاصيل القصة التي أرويها، ثم أطرح عليه أسئلة حولها، حتى يستنتج بنفسه أهمية كتمان بعض الأمور.

وكنت أعده بمكافأة في حال استطاع إخفاء موضوع ما كنّا متفّقين عليه، وكنت أشركه بتفاصيل العائلة وما يدور بداخلها، الأمر الذي يشعره بأهميته ويعزّز لديه ثقته بنفسه ويعلّمه تحمّل مسؤولية أسرار العائلة ويحافظ عليها.

عفوية الطفل التي نعشقها هي أيضًا سبب إحراج كبير لنا في مناسبات مختلفة، فهو بحاجة لتعلّم أصول الحياة في المجتمع، وكتم أسرارنا وأسرار غيرنا وخصوصياتنا وخصوصياتهم .

What do you think?

Written by لارا

عندي صبيين وبنت. درست هندسة حاسوب وأجد سعادتي في خدمة الآخرين. أحب أطفالي كثيرا وأعتبر دوري كأم هو أهم عمل أقوم به.

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

الجمعة الحزينة أمست عظيمة

يلا ندوّر