لا أستطيع وصف السعادة التي يشعر بها أبنائي الصبيان عندما يحصلون على هدايا حربية، ويبدأون لعبة الحرب والقتال وكأنهم في ساحة معركة، وتبدأ الأصوات تملأ البيت “أصبتك… قتلتك….لا تستطيع التحرّك….”، والمضحك بالموضوع أنه سرعان ما يقوم المصاب ويعود للحركة من جديد.
خيال واسع جداً عند الأطفال، لكني أحياناً أخاف من طريقة اللعب هذه. فعندما يريد أطفالي شراء لعبة أحاول أن أبعدهم عن هذا النوع من الألعاب، لاعتقادي أنها يمكن أن تؤثر في بناء شخصيتهم، وأنها يمكن أن تنمّي لديهم العنف اتجاه الآخرين، خاصة أننا نعيش في زمن حرب، وكل وسائل الإعلام تعرض مشاهد عن القتل. أخاف أن يعتبر الطفل أن القتل والعنف أمر طبيعي في المجتمع، ويمكن ممارسته بسهولة، لذا أسعى دائمًا أن أجد لعبة بديلة حتى أجعلهم ينسونها، لكنهم يلجؤون لأساليب أخرى كأن يوجهوا أيديهم إلى بعض على شكل مسدس أو يصنعوا مسدسًا من الورق.
في إحدى المرات راقبتهم _ عن بعد ودون أن ينتبهوا _عندما بدأوا يلعبون هذه اللعبة، لأعرف ما العبارات التي يقولونها أثناء اللعب، وكيف سيلعبون، وما هدفهم من هكذا لعب، هل هو للتسلية فقط، أم بدافع عدواني.
عندما انتهوا سألتهم عن سبب حبّهم لهذا النوع من اللعب، فأجابوني أنهم يحاولون تقليد الأبطال الذين يشاهدونهم في أفلام الكرتون، فهم يريدون أن يكونوا أبطالاً مثلهم ويقتلوا الأعداء. أدركت عندها أن المثل الأعلى للطفل هو البطل في أفلام الكرتون التي بدورها تروّج لهذه الألعاب، والتي يمكن أن تؤثر على شخصية الطفل، وتزرع فيه بذور العنف.
إذا أدركنا كأهل هذا الموضوع وانتبهنا لبرامج الأطفال التي يشاهدها أبناؤنا وكانت علاقتنا بهم جيدة، فسنعرف عندها كيف نحميهم. لذلك حاولت مشاركتهم اللعب، حتى أعبّر لهم أن الغاية من هذه اللعبة هو التسلية فقط، ويجب أن نحبّ الآخرين ولا نقتلهم أو نسيء إليهم، وأننا قادرون على التعبير عن غضبنا وانزعاجنا بطرق أخرى كالحديث مع الآخر، أو نرسم ما نعبر عنه من مشاعر الغضب، أو نلجأ للعزف على آلة موسيقية، وأفضل طريقة هي الالتجاء لله والصلاة، التي تعطينا قوة داخلية وسلام عظيمين.
GIPHY App Key not set. Please check settings