أذكر ذاك اليوم بوضوح عندما جاءت زوجتي تجهش باكية. لم أفهم حينها كلمة واحدة مما كانت تقول سوى أنها كانت عند طبيبة الأمراض النسائية. ذهبت أفكاري بعيداَ إلى الأسوأ لعدّة دقائق، مرّ شريط حياتنا أمامي برمشة عين. لم يطول الوقت حتى صاحت غاضبة: “أنا حامل“!
لا أستطيع أن أصف شعور الارتياح ذاك الذي انتابني. وكأني عدت للحياة مرة أخرى. ضاحكاً من كل قلبي قلت: أهلاً وسهلاً بالآتي، لِم كل هذا البكاء، لقد صوّرتِ لي في الدقائق القليلة مصيبة.
قالت منفعلة: “لقد تناولت أدوية قد تؤدي إلى تشوّه الجنين، عليّ أن أجهض الحمل”. ساد الصمت طويلاَ. “إجهاض!” صوت ضميري يصرخ من داخلي: لااااا، وبسرعة أجبت: “أنا مستعدّ لقبول المغامرة وأقبل نتيجة الحمل هذه مهما كانت وسآخذ على عاتقي مسؤولية الطفل.”
مضت فترة الحمل، ورُزقنا بابنتنا الصغيرة، صحيحة معافاة وجميلة. احتفى بها جميع أفراد عائلتنا، هي ابنتي نور.
مضت الأيام ونور تكبر، تعلّقتُ بها وزوجتي وأحبتها، أفتتن أصدقاؤنا بحديثها وصارت لعبة العائلة الصغيرة، فهي أصغر الأبناء. أصبح لدينا اهتمام جديد كسرَ روتين الأيام. اهتمّت أختاها الأكبر منها بإطعامها وملاعبتها سعيدتان. زوجتي تنسى تعبها عندما تراها بعد عودتها من العمل. لقد أمدّتنا هذه الصغيرة بطاقة وقوة جديدة امتدت حتى العائلة الأكبر، وفي الأوقات العائلية الصعبة فإن حضورها وسط الأهل يلغي شعور الهم والقلق والألم، وينقلنا إلى حياة جديدة ومتجددة.
أصبح الآن عمر ابنتي نور ست سنوات. أسمع زوجتي أحياناً تقول لها: “أعشقكي، أنت حياتي”، أغمزُ لها قائلا: “تلك هي التي كنتِ ستحرميننا من وجودها” فتجيب مبتسمة: “وأنتَ أبوها الشجاع الذي حماها”.
GIPHY App Key not set. Please check settings