يبدو من عنوان هذه التدوينة أنني سأشارككم بوصفة عمل السحلب أو تقديم بعض النصائح لعمل السحلب بأسرع وقت ممكن، لكن ليس هذا هو الأمر، بل سأشارككم ببعض القصص الطريفة مع السحلب.
منذ عدّة سنوات وفي كل مرة أذهب لزيارة أمي في فترة ما بعد الظهر، تصرّ أن أشرب كوبًا من الشاي أو القهوة أو الأعشاب، في ذلك الوقت لم أكن من هواة شرب المشروبات الساخنة، فكنت في كل مرّة أرفض شرب أي شيء، وفي بعض الأحيان كنت أطلب الكاباتشينو فأنا أعلم أن ليس لديها هذا المشروب، ولكنها فاجأتني في إحدى المرات عندما قالت لي، “تشربي شاي ، قهوة، أعشاب، كاباتشينو.” كنّا نضحك في كل مرة ضحكة عالية وخاصة عندما نتذكّر كيف إنني طلبت سحلب، كان هذا مجرد دعابة! ولكنني تفاجأت عندما قالت لي أمي، سحلب، سهل، ما بده إشي! وجاء السحلب وشربناه بسرعة لأنه خلال وقت بسيط تحوّل إلى ما نحتاج أكله بالملعقة.
لم تنته قصة السحلب عند هذا الحدّ، فقد امتدّت الدعابة لزوجة أخي المعروفة بطبخاتها المميّزة ووصفاتها الجديدة. ما يدهشني أنها في كل مناسبة تجرّب عدّة وصفات جديدة، وصفات طعام غريبة لم تجرّبها من قبل. إيجابيتها وحماسها لا يمنعانها من أن تجرّب ما هو جديد واثقة أنه سينال الإعجاب. ما زلت أتذكّر العديد من المرات التي فيها جرّبت زوجة أخي عمل السحلب. لا أدري لماذا لم تكن موفقة في هذا المشروب بالذات، مع إنها كانت تتقن كل شيء آخر. وفي كل مرّة كانت تجرّبه كان هناك خطأ فادحًا، فالمشروب خفيف أو ثقيل أو طعمه مختلف، ولكنّنا كنّا نشربه فقد انتظرناه ولن نرحل دون أن نذوقه. جرّبته عدّة مرات وفي كل مرة كان السحلب “مقلبًا”، والطريف بالأمر أننا زوجي وأنا كنا الضحيّة في كل مرة. أما المرات التالية فقد كان السحلب أكثر جودة من أفخم المطاعم ولكنه كان من نصيب أخوتي الآخرين. إلا أن جاء اليوم الذي ذهبنا لزيارة أخي وزوجته، ورأينا التجديدات التي عملوها في منزلهم، وأثناء الزيارة جاءت ابنة أخي وقد أنهت مشروعها الجامعي التي كانت تعمل عليه منذ أشهر، ووسط هذه الأمور المفرحة جاء السحلب ويا له من طعم رائع ورائحة شهية!
لم يلفت نظري فقط طعم السحلب ولكن ما لفت نظري إصرار زوجة أخي على عمله، وكيف إنها في كل مرة كانت تصّر أنه سيكون أفضل المرّة القادمة.
نعم هذا ما أريده لابني أن لا يفشل ولا ييأس إن لم يكن السحلب لذيذًا بل أن يستمر بالمحاولة إلى أن يأتي الوقت الذي يستمتع بأفضل طعم ممكن. نعم إنه الإصرار والمحاولة وعدم الاستسلام، هذه الأمور هي ليست سر السحلب ولكنها سر كل نجاح يمكننا أن نحقّقه.
مقالات/فيديوهات مقترحة:
لا تقل “لا أستطيع” بل قل “سأحاول”
يبدو ان الاصرار صفة جينية في العائلة. فنحن ذقنا المنتوج في كل مرة وباصرار حتى لا نحرم منه اذا نجح.