مع دخولها العام الثاني أخذت شخصية طفلتي بالتبلور والاستقلالية فهي تصرُّ على تناول الطعام بنفسها (مع أنها تنثر معظمه على الأرض)، كما وتريد إحضار الأطباق معي عند حضور الضيوف، وتسرع لفتح الباب عندما يدقّ الجرس، والردّ على الهاتف عندما يرن و…و…كل هذه التصرّفات كانت محاولة منها لبناء شخصيتها.
وعندما لا أستجيب لطلبها أو أمنعها من القيام بأي عمل، كانت تبكي وتقف بعيدًا تنظر إليّ بحزنٍ.
قررّت تغيير سلوكي معها، فهي في مرحلة من العمر تبدأ فيه بمعرفة ذاتها واستكشاف ما حولها، فتجوالها طول اليوم في البيت ورسمها على الحائط وغيرها من التصرّفات هي جزء من رحلتها في تحقيق استقلاليتها الذي يكون عبر الاستكشاف أولاً.
حاولت بأفكار بسيطة أن أنمّي مهارات كبيرة عندها، فكنت أضع مفرشًا صغيرًا تحتها عندما تأكل ولا أتدخّل بها حتى تنتهي، وبدل أن أنتهرها وأطلب منها الابتعاد كي لا تكسر الصحون كنت أطلب منها مساعدتي في نقل الصحون فأعطيها الصحون البلاستيكية، وأدعها تفتح الباب وتستقبل الضيوف.
وعندما تريد ارتداء الملابس كنت أضع لها خيارين أو ثلاثة وهي تختار منهم ما سترتديه، وبهذا أنمّي مهارة اتخاذ القرار لديها. وفي غرفتها وضعت لها علاقة للملابس على طولها بحيث تستطيع تعليق ملابسها وحدها.
وإن وجدَت صعوبة في تركيب لعبتها أدعها تجرّب حتى لو انتزعت اللعبة، فأنا بذلك أعلّمها أسلوب التجريب والخطأ ومهارة حل المشكلات، فهي بحل هذه المشكلة الصغيرة ستتعلّم حلّ مشكلاتها الكبيرة في المستقبل.
من الأسهل بالنسبة لي أن أقوم أنا بالمهام بدلًا منها، لكن هذا لن يكون في مصلحتها أبدًا، فتركتها تعيش كل الفرص المتاحة لها لتنمية شخصيتها، والأهم في هذا الأمر هو ابتسامتي لها أثناء المحاولة، التي تعطيها الدفع إلى الأمام.
مقالات/فيديوهات مقترحة:
GIPHY App Key not set. Please check settings