تلك الخزانة الكبيرة (المخزن)، كانت بالنسبة لها المكان الذي ترسل له كل ما لا تحتاجه فتحصل على متسع من المساحة في المنزل وتتخلّص من “الكركبة”، ولكنه بنفس الوقت كان المكان الذي تخشى أن تفتح بابه، فالخزانة ممتلئة ومكتظة ومشروع تعزيلها يبدو صعبًا. قبل العيد خطر على بالها فكرة بينما كانت مع أطفالها، وبينما رأت العديد من الهدايا والألعاب الجديدة في تلك الخزانة. قالت: لمَ لا نعمل من هذه الخزانة هدايا نوزّعها على الأطفال المحتاجين ونفرّحهم بالعيد. قامت هذه الأم بمشاركة هذه الفكرة مع مجموعة من الأمهات الصديقات، تحمّس الجميع للفكرة. منهم من جهّز هدايا مما توفّر في البيت ومنهم من قام بشراء هدايا من المتجر. تواصلنا مع دار أيتام وحصلنا على قائمة بأسماء وأعمار ومقاسات الأطفال هناك، وجهّزنا الهدايا المناسبة لكل الأطفال. بادرت بعض الأمهات بجلب المرطبات والحلويات، وأخرى بتحضير برنامج بسيط. انطلقنا ومعنا أطفالنا، وكانت النتيجة رائعة على الجميع. فرح أطفالنا بمشاركتهم مع أطفال آخرين، وفرح أطفال الدار ليس فقط بالهدايا ولكن بالوقت الذي قضيناه ومعهم والألعاب التي تشاركنا بها.
ما زلت أتذكّر هذا اليوم، مع إنه كان منذ بضعة سنوات، وما زلت أتذكّر تأثير مبادرة هذه الأم وكيف حفّزت الكثير من الأمهات، وكيف ببساطة تحوّل تعزيل المخزن إلى مشروع زرع ابتسامة على وجوه أطفال، ودرس في المحبة والعطاء تعلّمناه نحن وأطفالنا.
أجمل ما في الاحتفال هو إن هذا المكان أصبح مكانًا نستمتع بزيارته، فقد قمنا ومن خلال نشاط آخر في الكنيسة بزيارة نفس المكان وتقديم هدايا وبرنامج ممتع في العام التالي. وما زال هذا المكان محببًا لنا وهو ما نرغب بالذهاب إليه والاستمرار في زرع ابتسامة على وجوه أطفاله.
اقرأ أيضاً: تعليم الطفل الامتنان من خلال هذه اللعبة الممتعة
ذكرى هذا اليوم ما زالت محفورة في قلبي بسبب أصغر طفلة في الدار، جاءت إليّ وأنا في قمة الانشغال بالحديث والتوزيع وإدارة البرنامج، نظرت إلي وقالت لي: “شكرًا”. كلماتها كانت مؤثرة بالنسبة لي، فقد شعرت أنها تقولها من قلبها، شعرت بفرحها وشعرت أنها أحسّت بمحبتنا. في طريق العودة شاركت هذه القصة مع الأمهات ومع ابني، وقلت لهم: تمنيت لو إنني أحمل هذه البنت وآخذها إلى بيتي! ضحكنا فرحًا لما عملنا ولما رأينا من رد فعل هذه “التعزيلة” على أبنائنا وأبناء الدار.
GIPHY App Key not set. Please check settings