بدأت تكلّمني عن حديثها الذي جرى مع ابنتها البالغة من العمر 12 عاماً. كانت الأم قلقة على ابنتها وتذكّرها بما يجب عليها عمله استعداداً لامتحان الموسيقى. الأمر الذي جعلها تعيد التذكير أكثر من مرة مما جعل الابنة في النهاية تقول لأمها: يا أمي، هل تظنين أنني مصابة بالزهايمر؟ لماذا تعيدين الأمر مرات ومرات؟ صمتت الأم دون أن تعرف كيف تجيبها. ولكنني اقترحت عليها الإجابة التي أعتقد أنها ستكون الشافية حين تتعرّض الأم لمثل هذا الموقف مع ابنتها.

هذا ما قلته للأم: لا يا ابنتي، أنتِ لم تصابي بالزهايمر ولكن يبدو أني أنا  هي المصابة به! ضحكت الأم وضحكت أنا لأننا نحن كأباء نتصرّف كما لو أننا مصابون بالزهايمر. مرات ومرات نعيد عليهم نفس الأمر، لا تنسى أن تفعل هذا، إياك وذاك، دعك من هذا، افعل ذاك، والقائمة طويلة!!

القائمة تظهر حرصنا وخوفنا على أبنائنا وبناتنا. لكنها تظهر أيضاً عدم ثقتنا في أنهم استمعوا لنا، أو أنهم سيعملون بكلامنا، وهذا ما يجعلنا نعيد عليهم الأمر مرات ومرات ليجيبوننا في النهاية: يا أبي، أنا لست مصاباً بالزهايمر!

ربما أكون بالفعل مصاباً بالزهايمر، فأنا أنسى أني حذّرت ابني من عواقب عمل كذا وكذا، وهذا ما يجعلني أذكّره بها مرات ومرات. وأنا أنسى أن أظهر له فوائد عمل كذا وكذا وهذا ما يجعلني أعود لأذكّره بفوائد عمل كذا وكذا. وأنسى كذلك أني قلت له البارحة أني أحبّك وأقدّرك قبل فترة طويلة الأمر الذي يجعلني أقول له اليوم كم أحبك يا ابني وكم أقدّرك.

ترى هل سيستاء مني ابني لأني مصاب بالزهايمر؟ لا أعتقد ذلك. فالزهايمر يجعلني أنسى الأمر السيء الذي فعله بالأمس وفي هذا فائدة له.

في المرة القادمة عندما أذكّر ابني بما عليه عمله أو عدم عمله، فسوف أقول له أني مصاب بالزهايمر ولذا أعيد عليه مرات ومرات نفس الأمر. وسوف أذكّره وأذكّر نفسي كذلك بكم هو محبوب وغالي على قلبي. لأني أنا مصاب بالزهايمر.

مقالات/فيديوهات مقترحة:

درس في فيلم

أسوأ شيء عملته في حياتك!

What do you think?

Written by Jamal

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

أنا صغير لكني أريد أن أمتلك….

عشاء فاخر