قبل عدة سنوات وعدت ابنتي دينا برحلة إلى أوروبا على ظهر سفينة كبيرة عندما يصل عيد ميلادها السادس عشر. وبالفعل قمنا خلال الأسابيع الماضية برحلة جميلة بصحبتها وكانت بنتنا في فرحة كبيرة ليس فقط لزيارة المدن الأوروبية بل لأن والدها نفذ ما كان قد وعد به ولم ينسَ أو يتناسَ الوعد.
يصارع الأهالي كثيراً في تعاملهم مع أطفالهم حول مدى مقدرتهم على الحفاظ على ثقة ومحبة أطفالهم. ورغم أن أبناءنا لديهم مخزون كبير من المحبة والثقة بنا إلا أنه من الخطأ وأحياناً الخطأ المميت أن نقدم الوعود الكاذبة لهم ونفشل في تنفيذ ما نعدهم به. فمن السهل أن نقدم الوعد لأولادنا أننا سنحضر مباراتهم أو مسرحيتهم. كما ومن السهل أن نعدهم بهدية ما أو بشراء دراجة هوائية أو بالذهاب معهم للسيرك أو غيرها من الوعود التي نطلقها بدون تفكير وما إذا كنا على استعداد لتنفيذها. وتأتي المناسبة أو موعد الحفل أو المباراة وينظر الأطفال من خلف الكواليس أو من الملعب للتأكد من حضور الأهل.
نتقدم بالوعود غالباً للخروج من مأزق ما أو لإرضاء أبنائنا ولكن من الأفضل التريث وعدم الالتزام بوعد ما بدلاً من تقديم الوعد وعدم الإيفاء به. فالطفل قد لا يرتاح لعدم تقديم الوعد لشيء ما يريده ولكن حجم الانزعاج من تقديم الوعد وعدم الإيفاء به هو أكثر بكثير.
أقوالنا ونصائحنا ووعودنا لها مصداقية عالية بالنسبة لأولادنا. وهذه مسؤولية كبيرة يجب أن نكون حريصين عليها وعلى عدم إضاعتها خلف أقوال ووعود غير صادقة. كثيراً ما يحاجج أطفالنا زملاءهم في المدرسة أو أصدقاءهم وأقاربهم معتمدين على قول ما. عبارة “البابا بقول هيك أو الماما بتقول هيك” قد تكون العبارة التي يعتقد أبناؤنا أنها كافية لحسم أي نقاش أو خلاف.
ورغم ضرورة الانتباه لما يقال في البيت وحول المائدة وفي أي مكان آخر إلا أن الوعد الصريح يعتبر من أهم الأمور التي يتمسك بها الطفل.
طبعاً، قد تحدث مشكلة معينة ويفشل الأب أو الأم في تنفيذ الوعد لسبب خارج عن إرادتهم. في تلك الحالات علينا التأكد أن السبب حقيقي وجدي وليس عبارة عن إعطاء الأولوية لأمر آخر غير وعودنا لأبنائنا. وأبناؤنا أذكياء بما فيه الكفاية لمعرفة ما إذا كان سبب الغياب أو الامتناع عن تنفيذ الوعد هو سبب حقيقي أم لا. وفي تلك الحالات يجب على الأهل وفي الوقت الذي يعرفون فيه أنه سيكون من الصعب تنفيذ الوعد أن يُعلموا أبناءهم بذلك والتعهد بالقيام بأمر ما بدلاً من ذلك. أي من الضروري أن تكون هناك محاولة للمقايضة والتوصل إلى اتفاق أو وعد جديد وستكون المسؤولية أكبر بكثير في تنفيذ الوعد البديل.
يُعتبر الأب والأم المثال الأكبر للطفل في سنوات النمو وعلى الأهل معرفة أهميتهم المركزية لأبنائهم وضرورة الحفاظ على ثقتهم ومحبتهم وعدم إضاعتهما في مسألة عدم الإيفاء بالوعود.
مقالات/فيديوهات مقترحة:
GIPHY App Key not set. Please check settings