لم أعلم أن جلوسي معه سيدفعه ليسألني ذلك السؤال! ولم أعلم ما الذي دفعه ليسألني ذلك السؤال، “بابا، شو أسوأ شيء عملته في حياتك؟” سؤال لم أكن أتوقّعه، ولأول وهله شعرت بالاستياء لسؤاله لي هذا السؤال. الحقيقة أن السؤال كان مفاجأة لي. لم أستطع التهرّب من الإجابة عنه، فابني ولد لحوح ولا بد أن يحصل على إجابة على أسئلته.

أعتقد أن الفضول هو ما يدفعنا جميعاً لطرح الأسئلة، والفضول هو ما يجعلنا ننتظر سماع الإجابة عليها، واعتقد أنك مثل ابني تريد سماع الإجابة، أليس كذلك؟

عُدت في ذاكرتي إلى الوراء لسنوات كثيرة، عدت إلى البدايات حين كنت طفلاً، وذلك جعلني أستغرق في التفكير لأقول له أمرًا سيئًا فعلته في حياتي، لكن على الأقل يبقيني شخصًا محترمًا في نظره. ابني ينظر لي منتظراً إجابه وأنا أنظر في ماضٍ فعلت فيه الكثير من الأمور الخطأ، ولكني كنت أبحث عن أسوأ شيء فعلته. في النهاية، وجدت ما كنت أبحث عنه.

“الأشياء الصحيحة التي لم أفعلها هي أسوأ ما فعلته.” أعتقد أن هذه الجملة لم تكن سهلة على ابني، لم يستصعب فهمها لكنه رأى صعوبة في تطبيقها! ولكني حاولت ببساطة أن أظهر له أن الأشياء الخطأ التي نرتكبها تكون عادةً بسبب عدم انشغالنا والتزامنا بعمل الأشياء الصحيحة. وهذا أسوأ شيء عملته ولا أزال، للأسف، هي ما أستمر بعمله حتى الآن. استمر الحديث بيننا، ولكني باختصار حدّثته عن مناسبات عديدة فعلت فيها أموراً خاطئة كان بالإمكان تفاديها لو أني كنت قد عوّدت نفسي على عمل كذا وكذا.

أرجو أن لا يكون قارئي العزيز مشغولًا بمعرفة أسوأ ما عملته، الحقيقة أني شاركت ابني ببعض الأشياء الخاصة التي فعلتها في حياتي، ولكني متيقنٌ أن جميعها غدت في “خبر كان”، لكني ومن خلال حديثي القصير معه رجوت وأرجو أن تصبح كذا وكذا، وهي الأشياء التي لم أتعوّد عملها هي ما سيعتاد عملها وممارستها، فتلك هي التي ستحميه وستجنبه عمل الأشياء السيئة.

أعلم أن إجابتي، والتي كنت أصيغ كلماتها بجمل بسيطة وصلت لابني بوضوح، فقد هز رأسه مقدراً انفتاحي، وشكرت الله على الفرصة التي أُتيحت لي بسؤاله ذلك السؤال الذي تمنّيت بعده أن يسألني عن أفضل شيء عملته في حياتي، أنا أستعد للإجابة عليه متاملاً أن يطرحه علي في أقرب فرصة، وأرجو أن لا يأخذني وقتًا طويل للإجابة عليه مثل سؤاله السابق. لكني أعتقد ان أفضل إجابة ستكون عندما أحدّثه عن أفضل شيء عُمل من أجلي.

وأرجو أن لا يمر وقت كثير قبل أن يسألني هذا السؤال!

مقالات/فيديوهات مقترحة:

عائلتي: شطرنج

خسرنا المباراة

What do you think?

Written by Jamal

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

من له أذنان فليسمع

بابا انت وعدتني