دون تخطيط مسبق، ودون قصد لجمع المعلومات، ومن خلال أحاديث عابرة وحوارات غير رسمية بدا لي أن الكثير من الطلبة يميلون لمعلّمة من نوع معين، ويفضلون مادتها ويشعرون بالراحة في حصّتها، وبالمقابل بنفرون من معلّمة ما ومن حصتّها ومادّتها، وكانت الجملة المشتركة التي يقولونها هي “بتصرّخ” أو “ما بتصرّخ”. يبدو أن الصوت العالي هو من مقوّمات المعلّم وأمر لا بد منه مع تلك الصفوف المكتّظة بالطلاب والطالبات، وبوجود الكثير من الملهيات والمشتتات. ويبدو أن المعلّم يحتاج إلى مثل هذا السلاح للتخويف وللضبط ولجذب الاهتمام. كما وإن صراخ المعلّمين هو ما يسبب لهم الكثير من المشاكل في الأوتار الصوتية ويدفع الكثير منهم إلى ترك الوظيفة، أو إنهم يستمرون في العمل ولكن مع الكثير من المعاناة.
أما هناك مَن اختاروا الطريق الأفضل، واعتمدوا على بناء علاقة لطيفة مع طلبتهم، ومَن أحبّوا طلبتهم وشغفهم للتعليم هو ما دفعهم للانخراط في العمل في المدارس. هؤلاء هم مَن يوصفون بـ “أحسن معلمة”.
لا يحبّ الأطفال الصراخ، نعم هم لا يحبّونه لأن فيه تقليل من قيمتهم وإهانة لكرامتهم. فمع الصراخ تهديد وتخويف ورغبة بالسيطرة. فيه فرض وقمع وليس سلوكًا صحيحًا نابعًا من الداخل. اكتشفت مؤخرًا في علاقاتي مع مَن أقوم بتعليمهم وتدريبهم من مختلف الأعمار وفي عدّة مجالات أن أهم قانون يمكنه ان يضبط البيئة التعلّمية أو التدريبية هو قانون الاحترام. فالاحترام هو ما يقود الطالب إلى التصرّف الصحيح، أي احترام الطالب للمعلّم والعكس كذلك. وإن أظهر الطالب عدم احترام للمعلّم، فإن المعلّم عندما يصرخ في وجهه في المقابل يبادله عدم الاحترام بعدم احترام آخر، لذلك نجد أن المعلّم والطالب يدوران في حلقة لا يمكنهما الخروج منها. أما المعلّم “الشاطر” فيحافظ على هدوئه وثباته واتزانه الداخلي ويستمر بإظهار احترامه للطالب. وهذا يخرجهما من الحلقة ويبدأ التغيير.
فلنشجع أبناءنا على إظهار الاحترام في المدارس، ولنسعى معًا ليكون لدينا معلّمين “لا يصرخون” والمزيد من “أحسن معلّمة” بحسب وصف الطلبة.
مقالات/فيديوهات مقترحة:
خمس طرق تظهر فيها محبتك لابنك المراهق
حياة عائلية أفضل – ثلاثة أشياء يمكنك تطبيقها اليوم!
GIPHY App Key not set. Please check settings