قبل بدء انخفاض درجات الحرارة وسقوط الأمطار، قمنا بترتيب الملابس الشتوية في الخزائن وقد لاحظت خلال هذه المهمة أن ملابس العام الماضي صغيرة جدًا على ابني. ضحكنا كثيرًا غير مصدّقين أن هذه الملابس كان يلبسها في الموسم الماضي. لقد كبر كثيرًا! لاحظت ذلك أيضًا وهو يمشي جانبي، كما ولاحظت تغير في حدّة صوته، وفي بشرته. إنه على أعتاب مرحلة جديدة، المراهقة.

بدا لي في بعض المواقف أن إصراره وعناده غير منطقي. فمثلاً أصرّ على ارتداء بلوزة شتوية ثقيلة رغم أن الطقس لم يكن يستدعي ذلك، مع إنه في كل مرة كان يرتدي تلك البلوزة كان يصل إلى المنزل ووجه أحمر وجبهته تتصبّب عرقًا. نصحته وتكلّمت معه بطريقة منطقية مقنعة ولكنه أصرّ، فنظرت له مستغربة وطلبت منه أن يفسّر لي ما السبب الحقيقي، فقال لي بابتسامته المعتادة: “أريد حرّيتي”.

ابتسمت وقلت لنفسي: “الولد عم بيكبر”، وعندها بدأنا نتحدّث عن الحرية. نعم من حقه أن يطلب الحرية، فهو ليس بعد طفلاً صغيرًا ولكنه على وشك ان يصبح شابًا. نعم له الحرية فهو يختار الملابس التي يود شراءها والأطعمة التي يأخذها إلى المدرسة، وهو يختار الطريقة التي يدرس بها ويختار أصدقاءه وكيفية قضاء الكثير من أوقات فراغه. لكن هل الحرية تعني أن أسدّ أذني عن سماع أي نصيحة أو توجيه؟ ابتسم أثناء الحديث وأرجو أن يكون قد أدرك أن نصائحنا كأهل لا للتحكّم به ولا لحرمانه من السعادة والمتعة ولكنها نابعة من تجربة وناتجة من نظرة شمولية للأمور.

وكما نتذكّر وبعد أن كبرنا وتتزوّجنا وأصبحنا آباء وأمهات نصائح أهلنا، ونتذكّر الجملة التي يكرّرها الكثير من الآباء والامهات: “إحنا بنفهم شوي”، سيتذكّر أبناؤنا نصائحنا. وسنبقى نحن في صراع ما الجرعة المناسبة من الحرية نقدّم لأبنائنا.

مقالات/فيديوهات مقترحة:

بدي كريم لحبّ الشباب

في بيتنا مراهق

What do you think?

Written by شيرين

زوجة لزوج خفيف دم
وأم لطفل واحد ولكنه ليس وحيد، أحب الشوكلاته ولا أستغني عن القهوة، أتعلّم من النملة في نشاطها، أحب الكتابة ولدي شغف للمناهج والتعليم والتدريب

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

الحاجة إلى الانتماء

بدائل الحليب