ونحن صغار، اعتدنا كأقارب أن نلعب هذه اللعبة التي بها نغيظ بعضنا البعض، فكل واحد منا يقول عبارة فيها يمدح أهله، فمثلاً أمي أحلى من أمك، سيارة أبوي أكبر من سيارة أبوك…. وفي مرة من المرات عجزتُ عن ابتكار عبارة جديدة، فقد استنفذتُ جميع الأفكار، فقلت: صلعة أبوي أكبر من صلعة أبوك. فكان لي فخر بالصلعة أكثر من الفخر بالشعَر.
كثير منا يفتخرون بأهلهم، ويجدون في حياتهم عبرة ومعنى، وبعد مرور السنوات وقدوم الشيخوخة وكل ما يرافقها من متاعب وآلام وأمراض وتغييرات يزداد تقديرهم وإعجابهم وافتخارهم بوالديهم وبما عملوا وبما قالوا. قد لا يرى أبناؤنا الآن أننا الأفضل، وقد لا يقدّرون كل ما نعلمه من أجلهم، ولكن سيأتي يوم به سيدركون ذلك.
مازلت أتذكّر أول ايام زواجي وأول أيام إنجابي لطفلي، شعرت بالامتنان الشديد لجهود أمي، وكنت دائمًا أفكّر وأقول “كيف كانت تلّحق؟” فالطبخ ومسؤوليات المنزل والضيوف والكثير من المسؤوليات. لم أعلم أن وجبة الغداءاليومية المتنوعة كانت تحتاج لهذا الجهد، ولم أعلم أن شرب القهوة مع أبي كان يحتاج إلى جهد وتنظيم للبرنامج، ولم أردك أن المنزل المرتب والابتسامة والمواظبة على الكنيسة واستقبال الضيوف بالإضافة إلى المحافظة على منظر أنيق وشعر مرتب يحتاج لكل ذلك الجهد. ولكنني أدركت أن لي أهل “ما في متلهم بالدنيا”.
ما زلت أتذكّر تلك الكلمة التي قالها لي ابني وهو صغير “إنت أفضل أم في الدنيا” وكذلك لأبيه: “أنت أفضل أب في الدنيا”. ليس أمامه الخيار فنحن أبوه وأمه ولا يمكنه تغييرنا، ولكنه رآنا الأفضل. تلك العبارة أشعرتني أن ابني يقدّر ما نعمله لأجله، نعم فهو يقول شكرًا على الأمور الصغيرة، نعم إنه يشعر بالامتنان، وأنا أشعر بالامتنان لتلك العطية التي منحني الله إياها أن أكون زوجة وأمًا له.
مقالات/فيديوهات مقترحة:
GIPHY App Key not set. Please check settings