تبقى حقيبة المدرسة موضوع قلق للكثير من الأهالي المهتمين بثقافة وعلم ونجاح أطفالهم في جميع مراحل دراستهم ابتدأ من الصفوف الاولى التمهيدي والبستان الى الصف الثاني عشر التوجيهي.
اذكرُ جيدا هذا الشعور المريب، واذكرُ الرغبة القوية والملحة التي كانت تنتابني عندما يعودُ أولادي الثلاثة من المدرسة، فقد كنتُ أودُ لو افتح حقائبهم المدرسية قبل ان يجلسوا ليستريحوا، واعرف ما بداخلها من إنجازات وتحصيل علامات، وملاحظات مربية الصف وتعليقاتها مهما كانت إيجابية ام سلبية! وماذا عليهم من الواجبات المدرسية المختلفة لليوم التالي! وكنتُ أفكر وآقلق كثيرا ماذا لو يوجد تنبيه او إنذار بسبب المشاغبة في غرفة الصف او المدافعة في الملعب؟ ماذا لو يوجد في الحقيبة تقرير يشير الى ان ابني او ابنتي حصلوا على علامة ضعيف او تحصيل مقبول كل هذه الأمور كانت تدور في رأسي وتسبب لي ارقاً.
وكنتُ أفكر وآقلق كثيرا ماذا لو يوجد تنبيه او إنذار بسبب المشاغبة في غرفة الصف او المدافعة في الملعب؟
ولكن ما لم أكن اعرفه هو ان زوجي بينما كنا نجلسُ معا الى المائدة لتناول طعام الغذاء وقبل ان ينتهي الجميع، كان يتسللُ الى غرف الأولاد ويفتحُ حقائبهم ويتفحص ما بداخلها وخاصة دفتر الواجبات المدرسية ثم يعود بسرعة الى الجلوس معنا. بعد ذلك يبدأ بالأسئلة الصعبة، من لديه واجب اليوم؟ ينظر الى الجميع ولا احد يجيب باي كلمة. ثم يسئلُ سؤالا آخر، من لديه واجب حل مسائل الرياضيات؟ ومن عليه واجب إملاء باللغة العربية؟ ومن لديه حل أسئلة باللغة الإنكليزية؟ فيندهشُ الأولاد ويتسائلون من قال لك هذا يا بابا؟ وكيف عرفت واجباتنا؟ فلا يجيب بشيء بل كان يقول، الآن حان وقت الدرس هيا كُلُّ واحدٍ الى مكتبه. فيذهب الأولاد وهم لا يدرون كيف وصلت هذه المعلومات الى ابيهم، ولا حتى انا في ذلك الوقت لم أكن اعرف ايضا كيف كان يحصل على هذه المعلومات!
الى ان جائنا يوماً أحدُ أبنائنا الثلاث بدفتر الواجبات فيه ملاحظة من مربية الصف مكتوبةً بالقلم الأحمر وبخطٍ عريض . فلان لم يحضر كتاب اللغة الإنكليزية اليوم، هذا تنبيه اول. وبعد مرور أسبوع وصلت ملاحظة اخرى بالقلم الأحمر نفسه. فلان نسي اليوم ان يحضر دفتر النسخ، تنبيه ثاني. فغضب زوجي كثيرا بسبب التنبيه الذي حصل عليه احد أبنائنا الثلاث، وطلب مني ان أعدّ لهم كتبهم حسب الجدول لكي لا ينال احدهم تنبيها آخر. تناقشنا انا وزوجي في هذا الموضوع وأوضحت له انني لا أفضل ذلك أبدا، لأن الطفل اذا تعود ان لا يهتم بواجباته المدرسية وطلبات مدرسيه، سينشأ على الفوضى والإهمال والإتكال على الآخرين، ولكنني وعدته بان اجد الحل، فصليت في نفسي وقلت يا رب ساعدني واعني أعطيني حكمة. فدخلت الغرفة وتحدثت الى ابني بكل وضوح وصراحة وقلتُ له، هل ترى هذا التنبيه بالخط الأحمر للمرة الثانية، اجاب نعم. وقلت هل تعلم أنك ستحصل على عقوبة في المرة الثالثة، فهذه هي الفرصة الاخيرة لك، فما هو الحل في رأيك حتى لا تحصل على عقاب من مربية الصف ومنا ايضا؟
فصليت في نفسي وقلت يا رب ساعدني واعني أعطيني حكمة.
وفجأة وبينما انا أتحدث معه وقعت عيني على جدول الأسبوع وكان عاليا جداً فوق مستوى نظر ابني، فانزلته حتى أصبح سهلا للقرأة. وقلت لابني: هل تستطيع ان ترى الجدول بوضوح الان؟ أجاب نعم أستطيع. قلتُ: حسنا، من اليوم إذن تستطيع تحضير جميع الحصص من الجدول ولا يوجد سبب حتى تنسى دفترا او كتابا في المرة القادمة. وهذه ستكون مسؤليتك الخاصة من الان فصاعدا.
وفي الحقيقة أنني شكرت الله كثيرا لأنه أعانني وفتح عيني على سبب المشكلة وساعدني في حلها، فلم تصل أية ملاحظة بخصوص النسيان بعد ذلك اليوم أبدا، وانا ربحت ابني فقد اعتمد على نفسه في تحضير جميع واجباته المدرسية.
نحتاج الى معونه من الله في أصغر الأمور واكبرها، والذي يحتاج الى حكمة فليطلب ذلك من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير فسيعطى له.
مقالات/قيديوهات مقترحة:
GIPHY App Key not set. Please check settings