لم أكن اعرف أن صديقتي النباتية ايرين لا تستطيع تناول البصل والثوم عندما سألتها إن كان لديها أية أطعمة لا تتناولها بشكل عام. أردت أن أدعوها لتناول العشاء في بيتنا. وكوني تعلّمت أن أسال ضيوفي عن الأطعمة التي لا يتناولونها بسبب حساسية ما لديهم، كان جواب ايرين مفاجيء لي. كيف سأطهو عشاءً نباتيًا وبدون الاعتماد على النكهة اللذيذة التي يضفيها البصل والثوم على الطعام. رغم أنها ليست بمشكلة وجودية إلا أني احترت في أمر صديقتي “كيف تستطيع أن تتذوّق ما تأكل” قلت في قرارة نفسي. ولكن أدركت هنا أيضًا أن مشكلتي هي أنا وليست صديقتي؛ فأحيانًا تكون اعتقاداتي عن الطهو محدودة. إذا كان عليّ أن أقبل بالواقع وأن أقرر أن الطعام ليس فعلاً جوهر دعوتي لصدقيتي وإنما الصداقة والشركة. إذًا سأصنع شيئًا بسيطًا ولذيذًا والأهم أن يكون بيتنا مصدر دفء ومحبة. سأطهو طبقًا من المجدّرة المزركشة!
واحد من الأشياء التي تعلّمتها من العيش في أمريكا هو أن الأمريكان ليس لديهم مشكلة في إعادة ابتكار أكلات من بلاد مختلفة وتحويلها إلى أطباق دائمة وأساسية. فمثلاً الحمص، نحن في بلاد الشام نصنع الحمص بطرق معروفة للجميع. نضع الحمص المسلوق بالخلاط ونضيف الطحينية والليمون والثوم وقليلاً من الماء ونخلط حتى يتمازج الخليط ونقدّمه مع زيت الزيتون والخبز الدافيء. أحيانًا نزّينه باللحم والصنوبر المقلي أو نصنع فتة الحمص وما إلى ذلك، ولكن الخلطة الأساسية هي ذاتها. ولكن كلّما ذهبت للتسوّق في المتجر القريب من بيتنا وجدت رفوف الثلاجات مرصعّة بعلب من الحمص الفريدة من نوعها، فلديك حمص مخلوط بالفلفل الأحمر المشوي، وحمص مصنوع بالآفوكادو، وحمص مخلوط بالزيتون الأسود، وحمص مصنوع من البازيلاء أو الفاصوليا البيضاء وغيرها من الخلطات العجيبة. أو أجد بدائل للهامبرغر مصنوعة من الفريكة العربية الخضراء والخضار في المجمدة وغيرها. بعضها لذيذ والآخر مبالغ فيه، ولكن المهم الخروج عن القاعدة! وهكذا خرجت المجدّرة في ذلك اليوم عن القاعدة.
والأجمل ما في الموضوع أن صديقتي ايرين فرحت كثيرًا بمائدة الطبق الواحد هذه، وأخذت ما تبقّى معها. واضطررت أن أصنع المجدّرة مرّة أخرى في اليوم التالي بناء على طلب أهل البيت، ولكن هذه المرّة طبعًا أضفت القليل من البصل المقلي والثوم المبشور!
المقادير
كوب من العدس الحب
١/٢ كوب من الأرز (لا يهم النوع)
٢ ضمة من البقدونس مغسولة ومفرومة فرمًا ناعمًا
٢ ضمة من الجرجير مغسولة ومفرومة ولكن فرمًا خشنًا
٣-٤ حبات من الشمندر المسلوقة والمقشّرة والمقطّعة مكعبات متوسطة ومن ثم نضعها في وعاء فيه القليل من الخل لإعطائها طعم المخلل
٢ حبات من الطماطم متوسطة الحجم مقطعة لمكعبات متوسطة الحجم
٤ حبات من البصل الأخضر المقطعة
٢ خيار مقطعة لمكعبات صغيرة
حفنة من الجوز مفرومة ناعمًا
حفنة من الزبيب
نصف قرن من الفلفل الأخضر الحريف مفروم فرمًا ناعمًا جدًا
رشة من النعنع الجاف أو ملعقتين من النعنع الأخضر مفرومة فرمًا ناعمًا
القليل من جبن الفيتا للتزيين
الصلصة
٣/٤ كوب من زيت الزيتون
٢ ملعقة من دبس الرمّان
عصير ليمونة واحدة
٢ ملعقة كبيرة من خل البلسميك إن تواجد
١ و١/٢ ملعقة ملح صغيرة
رشة من الفلفل الأسود
١ فص ثوم صغير مهروس جيدًا
نضعها جميعًا في مطربان بغطاء ونرجّه حتى يتمازج المحتوى
أولًا نضع العدس والأرز معًا في وعاء للطهو ونضيف كوبين من الماء ونضع الوعاء على نار متوسطة. عنما تجهّز المجدّرة نبقي القدر مغلقًا إلى أن تتفتح الحبوب وتستوي. وهنا أنوّه أننا لا نريد المجدرّة أن تطهو طويلاً وتعجن لأنها ستذهب داخل السلطة.
نضع كل الخضار في وعاء كبير يفسح المجال للمجدرّة أيضًا وللتحريك.
ثم نضيف المجدّرة وهي بعد دافئة إلى الخضار ونحرّك بسرعة إلى ان تتبعثر المحتويات مع بعضها بالتساوي ثم نضيف الصلصة ونحرّك باستخدام شوكتين حتى لا تلتصق المحتويات بعضها ببعض.
والآن نتذوّق، ونضيف ما تحتاجه السلطة من المزيد من الملح أو الحامض أو الزيت. الزيت هنا عنصر مهم فلا نخاف من إضافة المزيد إذا احتجنا. وأخيرًا نضع الخليط في صحن التقديم ونزيّنه بالبصل والجبنة. على فكرة هذه الأكلة تصبح أطيب في اليوم الثاني. صحتين!
مقالات/فيديوهات مقترحة:
GIPHY App Key not set. Please check settings