لا أعرف ماذا يحدث للمدرسة والمدرسين والطلاب والطالبات حين يصلوا إلى صف الثاني عشر أي التوجيهي! كانت الأيام عادية وروتينية، إلتزام وإنضباط وغيرها في كل الصفوف التي قبله. ولكن ما أن يصلوا إلى الصف الأخير حتى تنقلب الموازيين، وتسحب السجادة من تحت أقدام الأهالي والمدرسين، حسب ما يقول المثل.
فلا إلتزام بالحصص، وإستهتار بلباس الزي الرسمي، وتكثر الواسطات للوصول إلى معلمي الدروس الخاصة، مواد ترفع إلى العلاء، ومواد تسقط فلا يهم، يمكن الإعادة في السنة القادمة. وهي أيضاً سنة الإحتفالات التي لا تنتهي، طبعاً فهي سنة التخرج التي تبدأ من أول يوم دوام رسمي في الصف الثاني عشر.
مرت سنة على تخرج ابنتي من الصف الثاني عشر، ولا أنسى في يوم من الأيام قبل التخرج، طلبت مني أن تقود السيارة إلى المدرسة، فنظرتُ إليها تجلسُ بجانبي في السيارة وقلتُ لها: “لماذا تريدين هذا الهم؟ ولماذا تريدين أن تكبري قبل الآوان؟” فنظرت إليَّ بتعجب وردت، ولا أنسى صوتها حين قالت: “ماما، أنا عمري 18 سنة إلا شهر، ولازم أتعلم السواقة من الآن”. أجبتها، ماذا؟!! متى أصبحتِ في الثامنة عشر؟!! متى كبرتِ؟!! لا أنسى الصدمة التي حصلت لي، طفلتي، أميرتي، متى أصبحت في سن الرشد؟ وهي الآن في عمر يسمح لها القانون بتعلم السواقة. ولكن أنا، أين أنا؟ فما زلتُ أراها طفلتي صغيرتي، وما زال خوفي عليها كيوم ولدت. فنظرت إليَّ وضحكت، لأنها عرفت أنني حقاً صُدمت.
أحياناً يدخلُ الأهلُ في روتين قاتل، بسبب الأشياء التي تتكرر سنة بعد سنة، وتصبح الأشياء الروتينة أحياناً بلا إحساس حقيقي. يمضي الزمان والوقت فيصبحوا كما أنا، ما زالوا واقفين عند أعتاب صف البستان والتمهيدي، وربما صف الحضانة. اعتقد أن بعض الأهالي مثلي أيضاً، ربما توقف الزمن هناك عند أول يوم دخول فلذات أكبادنا إلى المدرسة. ومرت أيام وسنين وما زلنا هناك على الباب نعتقد أن طفلنا هو الذي يعاني من فراقنا ويبكي، بينما الحقيقة أننا نحنُ الأهل الآباء والآمهات أيضاً نعاني فراقهم، ونعاني من عدم وجودهم معنا وحولنا، ولكننا لا نبكي إلا بعد وصولهم إلى نهاية الصف الثاني عشر التوجيهي.
مقالات/فيديوهات مقترحة:
GIPHY App Key not set. Please check settings