من أعظم الاستثمارات يللي ممكن أن يعملها الأهل في حياة أولادهم وخصوصاً في هذه الأيام يللي الكل بصارع فيها بموضوع “الوقت” والمشغوليات الكثيرة (فوق الطاقة)، هي “أن يعرفوهم” “المعرفة العميقة”.

عندما أقول المعرفة العميقة أعني فيها المعرفة الحقيقية، التواصل الصحيح لما يدور في حياتهم، افكارهم، فرحهم، الأمهم، التحديات اليومية يللي بمروا فيها، أحلامهم، طموحاتهم وأيضاً ما يميز شخصيتهم.

تخيل معي أنه زارك أحد الأصدقاء الأعزاء جداً على قلبك واحضر لك هدية ثمينة مغلفة بأوراق جميلة وربطات بألون مختلفة تبهر النظر، لدرجة أنك قررت بأن تحتفظ بهذه الهدية كما هي لتحتفظ بمظهرها الخارجي الجميل، ووضعتها في مكان آمن ولم تفتحها.

وبعد فترة، يأتي صاحب هذه الهدية لزيارتك مرة أخرى ليرى  أن هذه الهدية لازلت كما هي، محفوظة في نفس المكان (غير مفتوحة). فتظهر وكأنك غير مهتم أو مقدر ما في داخل الهدية الثمينة، وبنفس الوقت ضيعت عليك فرصة التمتع بما بداخلها من قيمة وجمال.

نحن نفعل هذا أحياناً بأعظم هدية وعطية أعطاها الله لنا، اولادنا.

“وعيت، رغم أنهم جميعاً أولادي، لكنهم مختلفين.

جميعهم إخوة في بيت واحد ولكن كل واحد متميز ومتفرد عن الاخر.”

هم هدايا قيمة، عطايا لا تقدر بثمن نفرح بقدومهم نسعد لوجودهم نعمل المستحيل لحمايتهم، ولكن مرات كثيرة لا نعرف ما بداخلهم.

تعالوا معي اليوم لنفتح هذه الهدايا بكل رقة ولطف، بمشاعر من الإندهاش والفرح، مقدرين كل ما فيها، متحمسين لمعرفة الكنز العظيم الذي بداخلها وبين طبقاتها، مكتشفين القيمة الحقيقية التي تكمن في تميزها وتفردها عن باقي الهدايا والعطايا.

كم  ذهلت و حزنت عندما اكتشفت انني ولمرات كثيرة ومن شدة حبي واهتمامي وخوفي على جمالها الخارجي، لم استطع أن اتمتع بهذه العطايا، بعلاقة أكثر قرباً وحميمية، لم اتمتع بالغوص بداخلهم.

هكذا تماماً ما شعرت به ولأيام طويلة, أن أولادي هم هذه الهدايا . وعيت انني لم أكن أعرف كيف اتمتع بعلاقة أكثر قرباً وحميمية معهم، لمعرفة تميزهم وتفردهم، حاجاتهم والدخول إلى عالمهم، كل واحد على طريقته.

وعيت، رغم أنهم جميعاً أولادي، لكنهم مختلفين. جميعهم إخوة في بيت واحد ولكن كل واحد متميز ومتفرد عن الاخر.

 دخول علمهم (أي فتح الهدية) ومعرفة ما بداخلها من جمال وتفرد , تعلمت ان اسمعهم , اعرف مشاعرهم ، والقفز ببساطة إلى داخل عقولهم لتفهم نظرتهم للأمور.

فالبوقت الذي كانت فيه ابنتي الكبرى تحتاج للتشجيع والدعم في أمور حياتها، كانت ابنتي الصغرى تحتاج إلى التقبل والرضى عن شخصها وتفردها. أما عن  ابني الصغير الذي يدخل في سن المراهقة فكان يحتاج إلى الاحترام و تقبل الرأي وإشعاره بالأمان.

أن أعرفهم بعمق فتح لي المجال أن أعرف إختلاف شخصيتهم منهم الاجتماعيةو المنفتحة إلى الهادئة المتأملة، اللطيف والهادئ. وهذا ما فتح عيناي لتقبل الاختلاف واحترام التميز، ومعرفة التعامل مع هذا الإختلاف.

نعم كان علي ان افتح هذه الهدايا الثمينة ،اتمتع بما بداخلها من جمال وتفرد ، اعرفهم  ارعاهم أدعمهم أحبهم على طريقتهم .

مزمزر127:3

مقالات/فيديوهات مقترحة:

تحوُّل موسمي

اللعبة المكسورة

What do you think?

Written by jomana

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

الحياة العائلية

كل ما هو مستحق